المستشفى منشأة تُوفر الخدمات الطبية للمجتمع. ويعمل فيها الأطباء والممرضون وسائر العاملين بهدف استعادة الصحة للمرضى والمصابين. وهم أيضاً يحاولون الوقاية من الأمراض والمحافظة على الصحة في المجتمع. وبالإضافة إلى ذلك فإن المستشفى يعمل مركزًا للتعليم الطبي والأبحاث الطبية.
ويقضي ملايين الناس، في مرحلة ما من حياتهم، بعض الوقت في المستشفى مرضى داخليين. وملايين غيرهم يزورون المستشفى مرضى خارجيين. ويتلقى المرضى الخارجيون علاجهم، لكنهم لايمكثون في المستشفى.
والمستشفيات في معظم دول العالم المتقدم، مبان نظيفة أو منشآت مجهزة بوسائل طبية حديثة، حيث يستخدم الأطباء والممرضون أساليب عصرية لمعالجة المرضى. أما في القليل من البلاد النامية، فإن المستشفيات قد لاتزيد إلا قليلاً عن أكواخ أو خيام بسيطة، يعمل فيها الأطباء والممرضون مستخدمين أدوية وأجهزة طبية محدودة. وبالرغم من ذلك تتجه إمدادات المستشفيات حتى في الدول النامية نحو التوسع كلما سمحت بذلك الموارد المالية. ويتم إنشاء عدد أكبر من المستشفيات كلَّ سنة، لمواجهة الاحتياجات المتزايدة مع تزايد السكان. ويقيس الخبراء عادة مستوى خدمة المستشفيات في دولة ما بعدد الأَسِرَّة المتاحة للمرضى.
أنواع المستشفيات
الأجهزة المتخصصة تساعد المستشفيات على العناية بالمرضى. (إلى اليمين) يستخدم الجراحون أشعة الليزر في غرفة العمليات، للقيام بعمليات معقدة. (في الوسط) أجهزة إلكترونية تساعد الممرضين على متابعة وظائف جسم المريض. (على اليسار) حضَّانات تساعد الأطفال الخُدَّج أو المرضى.
تختلف المستشفيات كثيراً من حيث حجم المؤسسة ومن حيث نوع الخدمات المقدمة. وتُشَكِّل المستشفيات، في معظم الدول، جزءاً حيوياً من خدمات الصحة العامة المنظمة.
وتأتي المستشفيات المقامة في شكل مؤسسات ريفية صغيرة، والتي تخدم مجموعة محلية صغيرة جداً، في أدنى مستويات هذه الخدمات. وكثيراً ما تسمى مثل هذه المستشفيات في المملكة المتحدة مستشفيات الأكواخ. وهذه المستشفيات تحتوي عادة على أقل من مائة سرير، وتُقَدِّم المساعدات الطبية العامة بالإضافة إلى بعض الخدمات التخصصية المحدودة.
وتأتي المستشفيات العامة للمنطقة أو المجتمع في المستوى الثاني لخدمات المستشفيات في معظم البلدان. تخدم هذه المستشفيات مراكز سكانية أكبر مثل المدن الصغيرة وضواحي المدن الكبيرة. وبالإضافة إلى الخدمات الطبية العامة، تقدم هذه المستشفيات العديد من الخدمات المتخصصة. وفي الماضي، كانت المستشفيات العامة تتكون مما يقرب من 2,000 سرير. لكن في نهاية الثمانينيات وبداية التسعينيات من القرن العشرين، استبدلت بعض الدول بهذه المستشفيات أخرى أصغر منها (300-500 سرير) تقدم خدماتها بالتنسيق مع خدمات المجتمع. وهذه المستشفيات الأكثر تطوراً تعمل بكفاءة أكبر لأنها أقل في تكاليف التشغيل وأسهل في الإدارة.
وفي كثير من الدول المتقدمة تتمثل المستويات العليا من خدمة المستشفيات في شكل المستشفيات المتخصصة أو المستشفيات التعليمية. وتتبع هذه المستشفيات كليات الطب وتوفر التدريبات العملية لدارسي الطب، وتقدم أعلى الخدمات المتخصصة، مثل جراحة الدماغ وجراحة القلب والصدر، كما تقدم أيضًا التسهيلات للأبحاث الطبية. ويقوم أطباء العائلة أو أطباء المستشفيات العامة في المنطقة، بتحويل مرضاهم إلى مستشفى تعليمي للتشخيص، أي تحديد طبيعة المرض،وللعلاج الخاص الذي قد يشمل إجراء عملية جراحية، وعنايةً تمريضية متخصّصة.
ويتضمن الهيكل المعتاد للمستشفيات في معظم الدول المتقدمة، مستشفيات خاصة أو وحدات خاصة داخل المستشفيات العامة لرعاية نوعيات خاصة من المرضى. فمستشفى الأطفال أو وحدة الأطفال تتعامل فقط مع الأطفال، ومستشفى أو وحدة المسنين تستقبل كبار السن، ومستشفيات العيون تعتني بالمرضى الذين يعانون من مشاكل في البصر، ومستشفيات الحالات المستعصية ووحدات الإصابات توفر العلاج والرعاية الطارئة للمصابين بإصابات خطيرة أو أمراض جسيمة، ووحدات الولادة تساعد على حماية الأمهات والأطفال حديثي الولادة من العدوى، بعزلهم عن باقي المرضى، ووحدة الأطفال الخُدَّج تعتني عناية خاصة بالأطفال المولودين قبل الميعاد.
وبالإضافة إلى الوحدات الخاصة، تتكون المستشفيات العامة من وحدات أساسية متعددة. ومن أهم هذه الوحدات: الوحدة الجراحية للمرضى المحتاجين لإجراء عمليات جراحية، والوحدة الطبية للمرضى المحتاجين للعلاج بالعقاقير. وتتطلب الجراحة الكثير من موارد المستشفى. وقد تكون غرف العمليات معزولة عن باقي المستشفى لتقليل مخاطر الالتهابات. وبقدر الإمكان يتم الحفاظ على غرفة العمليات في حالة تعقيم، أي خالية من الجراثيم.
وتقدم وحدة العناية المركزة على مدى 24 ساعة التمريض والمتابعة للمصابين بأمراض خطيرة. أما وحدة الحوادث والطوارئ أو وحدة الإصابات فتعالج ضحايا الحوادث، وأولئك الذين يمرضون فجأة. كما تقدم وحدة الإصابات أيضاً خدماتها للمرضى الخارجيين العاديين.
الرعاية بالمستشفى
يذهب الناس إلى المستشفى عندما يحتاجون إلى رعاية طبية لا يمكن توفيرها لهم عن طريق عيادة الطبيب المحلي أو في المنزل. فالناس الذين يصابون في حوادث، أو الذين يمرضون فجأة يؤخذون إلى المستشفى فوراً. يذهب الناس عادة إلى المستشفى عندما يحيلهم الطبيب المعالج إلى طبيب متخصص هناك. وفي المستشفيات التابعة لنظام الرعاية الصحية الوطني للدولة، قد يضطر المريض للانتظار فترة قبل أن يُمْنَح حق الدخول. أما المستشفيات الخاصة فإنها عادة تستطيع أن تمنح حق الدخول للمرضى الذين يدفعون أجراً في الوقت الذي يختاره المريض.
يفحص أخصائيو المستشفى عادة مرضاهم أولاً في عيادة خارجية في المستشفى العام. فهناك يكون في إمكان المتخصصين أن يستخدموا مختلف الإمكانات مثل الأشعة السينية والاختبارات المعملية، لاكتشاف علة المريض. وبمجرد أن يصل المتخصص إلى تشخيص فإنه يستطيع أن يقرر ما إذا كان المريض سيستكمل علاجه في العيادة الخارجية أم يتابعه طبيب العائلة أم يتم إدخاله إلى المستشفى بوصفه مريضًا داخليًا. والعامل الحاسم في هذا القرار هو ما إذا كانت هناك أَسِرَّة خالية متاحة تسمح بإمكانية دخول المريض.
وبمجرد إدخال المريض إلى المستشفى يُؤْخذ إلى جناح يتكون من عدد من الغرف، يتسع كل منها لعدد من الأسرة، حيث يمكث هناك طوال مدة تَلَقيِّ العلاج. وفي بعض المستشفيات قد توجد استراحة ملحقة بالغرفة حيث يمكن للمرضى الذين لا يحتاجون للمكوث في السرير أن يسترخوا أو يشاهدوا التلفاز أو يقرأوا الصحف. ويمكن للمرضى أيضاً أن يستمعوا إلى المذياع، وبعض المستشفيات تقوم بتشغيل شبكة تلفازية داخلية مغلقة خاصة بها. أما الأجنحة الخاصة فهي حجرات مُفْردة على نمط حجرات النوم أو الأجنحة بالفنادق. ويمكن للمرضى أن يُجْروا المكالمات الهاتفية، وأن يتلقوا الزيارات من أصدقائهم وأقربائهم. وفي مستشفيات الأطفال أو وحدات الأطفال توجد تسهيلات للسماح للأمهات بالبقاء في المستشفى مع أطفالهن، ويمكن للأمهات عندئذ أن يساعدْن في تمريض أطفالهن أثناء تلقيهم العلاج الطبي.
ومعظم المستشفيات منشآت مخصصة للإقامة قصيرة الأجل، بحيث لاتتجاوز مدة إقامة معظم المرضى فيها شهرًا، إذ يمكث المرضى في المتوسط مُدَدًا تتراوح بين 6 و10 أيام في هذه المستشفيات. أما في مستشفيات الإقامة طويلة الأجل أو ذات مدة البقاء الطويل، فالمرضى يمكثون لمدة شهر أو أكثر. والمرضى الذين يحتاجون إلى استئصال اللوزتين يذهبون إلى مستشفيات الإقامة القصيرة. أما المرضى النفسيون أو المرضى الذين يعانون أمراضًا مثل الدرن، فهؤلاء يذهبون إلى مستشفيات الإقامة الطويلة. وتعتبر مستشفيات الصحة النفسية، والمستشفيات الخاصة بكبار السن، ومستشفيات التأهيل التي تُقَدِّم للأشخاص المعوقين علاجاً متخصصاً يساعدهم على التكيف مع مهام الحياة اليومية، هذه كلها منشآت مخصصة للإقامة طويلة الأجل. والمستشفيات العامة قد تحتوي في آن واحد على وحدات للبقاء طويل الأجل وأخرى للبقاء قصير الأجل.